الوطن هو الأرض التي أول ما رأت عيناك سهولها وبطاحها، وتغلغلت في رئتيك أنسامها، ولعبت بين أحجارها مع أترابك، وهي التي تشدك إليها حبال الحنين مهما بعدت وكما قال الشاعر:
كم منزل في الأرض يألفه الفتى
وحنينه أبداً لأول منزل
وقد تسابق الشعراء في هذا المجال، وكانت عاطفتهم صادقة ومشاعرهم جياشة، وكما أنشد البكري:
أحب بلاد الله ما بين منعج
إليّ وسلمى أن يصوب سحابها
بلاد بها نيطت عليّ تمائمي
وأول أرض مس جلدي ترابها
وكذلك يصف ابن الرومي حبه لوطنه ويذكر العلة في ذلك حيث يقول:
ولي وطن آليت ألاّ أبيعه
وألا أرى غيري له الدهر مالكا
عهدت به شرخ الشباب ونعمة
كنعمة قوم أصبحوا في ظلالكا
وحبَّبَ أوطان الرجال إليهم
مآرب قضاها الشباب هنالكا
إذا ذكروا أوطانهم ذكَّرتهم
عهود الصبا فيها فحنوا لذالكا
وكذلك قال أعرابي يتشوق إلى وطنه:
ذكرت بلادي فاستهلت مدامعي
بشوق إلى عهد الصبا المتقادم
حننت إلى ربع به اخضر شاربي
وقُطّع عني قبل عقد التمائم
وكذلك قال إسحاق الموصلي في وصف شوقه لمدينته بغداد وما أصابه من الحزن على فراقها حيث يخاطب قلبه الذي راح ينفطر:
أتبكي على بغداد وهي قريبة
فكيف إذا ما ازددت عنها غداً بعدا
لعمرك ما فارقت بغداد عن قلى
لو أنا وجدنا من فراق لها بدا
كفى حزناً أن رحت لم أستطع لها
وداعاً ولم أحدث لساكنها عهدا
ولو استعرضنا صفحات الأدب العربي لوجدناها مليئة بذكر الأوطان ووصف جمالها والتعلق بها، ولا تكاد أوراق شاعر تخلو من ذكر الوطن.. والشواهد على ذلك كثيرة.

مع ارق تحياتي: لؤلؤة سوريا